الأحد، 18 أبريل 2010


أنا وأدباء مصر

الحلقة(12)

شيخ النقاد الأستاذ الدكتور عبد القادر القط

هذه الحلقة عن واحد من أكبر وأهم الأساتذة نقاد الأدب العربى فى مصر والعالم العربى ، وهو الأستاذ الدكتور " عبد القادر القط " ولقد كان من الممكن أن يكون من أكبر شعراء العربية أمثال " شوقى وحافظ " وغيرهما من عظماء الشعراء . وذلك ماقالته بداية حياته الأدبية فى شبابه ، عندما كان يكتب قصائده الشعرية الرائعة ، والتى أشاد بها جميع نقاد زمانه ، ولقد جمعها بعد ذلك فى ديوانه الشعرى الفريد " ذكريات شباب" 0 لكن دراساته الأدبية المتعمقة جعلت النقد الأدبى يختطفه من الأبداع الشعرى ، فاكتسبنا ناقدا من المتميزين الذين لايجود الزمان بمثلهم كثيراً0وقبل أن أخوض فى ذكرياتى مع الدكتور عبد القادر القط أجد لزاما على أن أقدمه فى سطور قليلة للسادة القراء 0* ولد الدكتور عبد القادر القط فى فيراير من عام 1916م بمحافظة الدقهلية 0* تخرج فى كلية الآداب جامعة فؤاد الأول ( القاهرة ) عام 1938 0* حصل على الدكتوراة من جامعة لندن عام 1950 0 * رأس قسم اللغة العربية ، ثم عميداً لكلية آداب جامعة عين شمس0* أعير لجامعة بيروت من عام 1974 حتى عام 1979* عمل أستاذاً متفرغاً بجامعة عين شمس (كلية الآداب)0* رأس تحرير مجلات ( الشعرــ المجلة ــ إبداع ــ السينما والمسرح )0* عضو مجلس إدارة كل من اتحاد كتاب مصر، جمعية الأدباء ، الجمعية الأدبية المصرية ، المجلس الأعلى للفنون والآداب0* له ديوان شعر بعنوان (ذكريات شباب)* له كثير من الترجمات لأعمال مسرحية أهمها (هاملت ، ريتشارد الثالث، بيركليس،صيف وخان ، جسر سان لويس راى ، الابن الضال ، الطلقة الخيرة ) 0* من مؤلفاته ( مفهوم الشعر عند العرب ، فى الأدب المصرى المعاصر ، الكلمة والصورة ، أربعون صباحاً) 0* صاحب مقال أدبى ثابت بجريدة الأهرام * حصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى ، جائزة الملك فيصل العالمية ، جائزة الدولة التقديرية فى الأدب ، جائزة مبارك فى الآداب0* رحل عن عالمنا فى يونيو من عام 2002اللقاء الأول* فى الدورة الثانية لمؤتمر أدباء مصر فى الأقاليم ، التى عقدت عام 1986 بمحافظة الإسماعيلية ، كان لقائى الأول بالدكتور عبد القادر القط ، فرحت فرحا كبيرا بمشاهدة ذلك العملاق الأدبى وجها لوجه ، وكطبيعتى فى مواجهة هؤلاء المشاهيرللمرة الأولى كنت حذرا قليل الكلام ، كثير الاستماع 00كانت الجلسة أثناء فترة الاستراحة بعد تناول وجبة الغداء ، بإحدى المساحات الخضراء الجميلة التى تحيط بمكان انعقاد المؤتمر 0 كانت الجلسة تضم عددا من الشخصيات الأدبية والصحافية المعروفة ، وكل أحاديثهم موجهة إلى الدكتور القط تحديدا ، وكانت ردوده تأتى بسيطة ، واضحة ومختصرة ، ولم تكن ابتسامته تفارق وجهه أبدا أثناء الحديث 0 فى بداية الجلسة قدمت له نفسى ، ثم التزمت الصمت مكتفيا بالاستماع ، إلى أن فؤجئت به ينظر لى بابتسامة مشجعة قائلة : أستاذ " سِماعيل " أراك صامتا منذ جلسنا ..فاجأتنى عبارته بشيئين ، الأول أنه مازال يذكر أسمى رغم امتداد الجلسة ، والثانى هو نطقه لاسمى بطريقة جديدة ذات وقع محبب فى الأذن ، وذلك بإلغاء حرف الألف ، وكسر حرف السين ، وكم أحببت سماع اسمى منه بهذه الطريقة 00شجعتنى ردوده المهذبة ، وسعة صدره أثناء حديثه مع الآخرين على أن أوجه له سؤالا مهما ، فقد كان وقتها يرأس تحرير مجلة " إبداع " الأدبية الشهيرة 0وكنا نسمع إشاعة قوية تقول إن النشر فى هذه المجلة وقفا على مجموعة بعينها من الأدباء ، لايسمح الدكتور القط أن يتجاوز النشر إلى سواهم ، ولهذا لم أكن أرسل أعمالى الأدبية لها 00وجدت الفرصة سانحة ، فبعد أن شكرته تشجعت ووجهت سؤالى عن حقيقة هذه الإشاعة0 ضحك الدكتور عبد القادر القط ضحكة هادئة ، ثم نظر إلى الجالس عن يمينه ، وكان هو الأستاذ الأديب الراحل " عبد الله خيرت " كما عرفت فيما بعد ، وكان يشعل منصب مدير تحرير مجلة إبداع ــ وسأله : مارأيك فيما سمعت ياأستاذ عبد الله ؟ رد الأستاذ عبد الله فى سرعة : هذه إشاعة مغرضة وكاذبة بالطبع 00وإذا بالدكتور القط يوجه سؤاله لى مرة أخرى : ما رأياك أنت يا أستاذ ِسماعيل ؟ أجبته : لا أستطيع أن أعرف ، فأنا لم أرسل للمجلة شيئا 00فقال على الفور : إذن لماذا لا ترسل عملا لنا حتى تتأكد بنفسك من حقيقة هذه الشائعة ؟ وهنا تدخل الأستاذ عبد الله قائلا : بشرط أن يكون العمل جيداًَ 00رد الدكتور القط سريعا : حتى لو لم يكن جيدا ـ فسيقرأ ردنا عليه مع توضيح لما فى العمل من قصور 0 انتهى اللقاء بوعد منى بإرسال أحد أعمالى الأدبية لمجلة إبداع فى أقرب وقت 0الدكتور القط وشقتى السكنية فى منتصف الثمانينات كنت أعانى من أزمة سكنية حادة ، وتفضل السيد المستشار " هاشم قراعة " محافظ بنى سويف وقتها ، بتخصيص شقة لى تقديراً للخدمات الأدبية التى كنت أؤديها للمحافظة ، لكن قبل توزيع تلك المساكن الشعبية ، تم تغيير المحافظ ، وجاء اللواء" محمد حسين مدين " محافظا جديدا لبنى سويف وبعرض موضوع شقتى السكنية عليه ، وافق أيضا على منحى الشقة ، لكنه ربط تلك الموافقة بذلك المهرجان الأدبى الكبير الذى كنا نقيمه كل عام فى عيد بنى سويف القومى ، وقال لى : دعنى أرى أولاً ماذا ستفعل فى المهرجان الأدبى القادم 00ثم سألنى فجأة : من تستطيع أن تستضيفه من الأدباء الكبار ؟ وجدتنى بلاتردد أجيبه: الأستاذ الدكتور عبد القادر القط 0 بانت الدهشة على وجه المحافظ وهو يتسائل : هل أنت متأكد مما تقول ؟! أجبته بثقة : نعم 00 فقال فى شبة تحدى إذن دعنا نرى 0 انصرفت من مكتب المحافظ وأنا فى عجب من أمرى، لماذا اسم الدكتور القط تحديداً هو الذى قفز إلى عقلى ؟ ربما أردت أن أظهر للمحافظ مدى قوة علاقاتى بكبار أدباء القاهرة 0لكنى لا أعرف هل سيقبل الدكتور عبد القادر القط هذه الدعوة أم لا 0حقا أن لقاءاتى به متعددة ، وجلساتى معه قد تطول لأكثر من ساعة ، لكننى أبدا لم أطلب منه مثل هذا الطلب00 وماذا سيكون موقفى امام المحافظ لو رفض طلبى 00وجدتنى أقع فى دوامة كبيرة من الحيرة والقلق ، ولم أجد أمامى مخرجا سوى الحركة السريعة 0 فى اليوم التالى سافرت إلى القاهرة وتوجهت إلى مكتب الدكتور عبد القادر القط بمجلة إبداع ، وعرضت عليه الأمر جميعه ، وقلت له صراحة : يادكتور لو رفضت الحضور لبنى سويف ، فلن أحصل على شقتى السكنية ، فانظر ماذا ترى 0 ضحك الدكتور القط طويلا ثم قال : يأستاذ ِسماعيل أنا توقفت تماما منذ مدة عن مثل هذه السفريات ، فلم تعد الصحة تحتمل ، لكنى فى حالتك هذه سأحضر ، ولن أكون بمفردى ، بل سيكون معى أيضا الأستاذ عبد الله خيرت مدير التحرير 00ونظر إلى مدير التحرير متسائلا : هل توافق ياأستاذ عبد الله ؟ فأجابه أوافق جداً يادكتور 0 أحسست بحق أن الدنيا بكاملها لن تسع فرحتى بهذه الموافقة 0 وسريعا تم الاتفاق على كل التفاصيل 0وقبل أن أعود من القاهرة أخذنى الحماس فذهبت إلى كل من الكاتب الكبير عبد التواب يوسف ، والأستاذ الدكتور أحمد عتمان المسرحى والناقد الكبير ، وهما من أبناء بنى سويف وأخبرتهما بالموضوع كله ، فإذا بهما يقبلان أيضا الدعوة ، ويوافقان على الحضور 0






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق