الأربعاء، 6 يناير 2010

"أنا...وأدباء مصر"10

"ابن قرية شنرا،الكاتب العالمي لأدب الطفل"
"عبد التواب يوسف"


أعترف بأنني أرجأت هذه الحلقة أكثر من مرة ذلك لأنني أشعر برهبة كبيرة تصل إلي حد الخوف،كلما فكرت في أنني سأكتب عن هذه الشخصية المتألقة،ذلك الأديب العملاق الذي لايشق له غبار في عالم أدب الطفل،والذي أصبح ظاهرة عالمية في هذا المجال.
إن "عبد التواب يوسف" ابن قرية شنرا القابعة في أطراف مركز الفشن بمحافظة بني سويف- وهو دائما يفخر بذلك حتى الآن- قد سبقني في الكتابة عنه،كبار الساسة والمثقفين في مصر والعالم العربي أمثال الدكتور "مصطفي كمال حلمي" نائب رئيس الوزراء ووزير التربية والتعليم سابقا،والدكتور"عبد العزيز كامل" وزير الأوقاف الأسبق،والدكتور" محمد حافظ غانم " وزير التعليم العالي الأسبق،والدكتور" عبد العزيز المقالح " مدير جامعة صنعاء،والدكتور" عز الدين إسماعيل" رئيس أكاديمية الفنون الأسبق،وغيرهم كثيرون.ولقد أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 1987 كتابا خاصا عنه بعنوان "عبد التواب يوسف وأدب الطفل العربي"تناول مسيرته وإنجازاته حتى ذلك الوقت.وبذلك يعد من القلائل الذين تصدر عنهم الكتب في حياتهم.
إن "عبد التواب يوسف" قدم للطفل أعمالا أدبية تزيد عن الألف عمل،ما بين الإذاعة والتلفزيون والكتاب،وبذلك استحق عشرات الجوائز المحلية والعالمية،فقد منحته الدولة جميع جوائزها تقريبا،كما كان أول مصري يفوز بجائزة الملك فيصل العالمية.وأيضا منحته اليونسكو جائزتها عام 1975 .
لقد حرصت دول العالم المتقدمة أمثال "إنجلترا،فرنسا،ألمانيا،إيطاليا، بلغاريا،وتشيكو سلوفيكا (سابقا)" علي دعوته لزيارتها وإلقاء المحاضرات عن أدب الطفل بجامعاتها،وبحضور كل كتابها في هذا المجال،كمل زار أيضا "أمريكا" واستضافه قسم كتب الطفل بمكتبة الكونجرس الشهيرة00كما أصبح ضيفا دائما في "كندا" التي تحرص علي أن يلتقي بكتابها في مجال الطفل كل عام0
كل هذا وأكثر تناوله الأستاذة العظام في كتاباتهم عن "عبد التواب يوسف"،لهذا فإنني لن أستطيع مهما بذلت من جهد أن أصل في كتاباتي عنه إلي شيء ولو يسير يقف بجانبهم ،لكن عذري أنني هنا في هذه الحلقة من كتاب "أنا 00وأدباء مصر" أتكلم عن علاقتي الشخصية بعبد التواب يوسف،وليس عن شخصه وأعماله ومكانته،وكل ما سبق فقط هو مجرد تعريف للقارئ العزيز بابن بني سويف البار الكاتب العالمي "عبد التواب يوسف"0
"اللقاء الأول"
كان لقائي الأول بالأستاذ "عبد التواب يوسف"،في مقر إتحاد الكتاب بالزمالك ،بدت سعادته بي كبيرة،فأنا كما قال،أول أديب يصل لاتحاد الكتاب من بني سويف دون أن يخرج منها ويقيم بالقاهرة،لكن سعادتي أنا بلقائه كانت أكبر،فأنا أقرأ له منذ زمن،وأعرف قدره ومكانته،ولم أكن أتصور أنني سألتقي به يوما هكذا وجها لوجه00أحتفي بي،وأصر علي استضافتي بمنزله بالمنيل بالجيزةأثناء احتساء الشاي بمنزله تجاذبنا أطراف الحديث في شتي الموضوعات،وأحسست أنه يحمل مرارة شديدة تجاه بني سويف،ولقد كان معه كل الحق في هذه المرارة،فهو كما أخبرني، استضافته وكرمته كل محافظات مصر تقريبا،فيما عدا محافظة بني سويف،فهي تكاد أن تكون المحافظة الوحيدة التي لم توجه له دعوه لزيارتها0 وقال :"لم أكن أنتظر هذا التجاهل من بلدي التي أفخر بها دائما في كل مكان"0
"عبد التواب يوسف في بني سويف"
بعد هذا الحديث بمنزله،عدت إلي بني سويف وأنا أتعجب كيف أن المسئولين عن الثقافة بالمحافظة قد غابت عنهم الاستفادة بمثل هذا الرجل الذي يعد من أبرز شخصيات الثقافة المصرية00تكلمت مع المسئولين بمديرية ثقافة بني سويف عن ضرورة التعاون مع الأستاذ "عبد التواب يوسف"،فرحبوا كثيرا،وقالوا أنهم فقط كانوا يفتقدون حلقة الوصل بينهم وبينه،لكنني الآن أزلت هذه العقبة0وتركوا لي مسؤولية التواصل معه00
لم أكن أريد أن تكون زيارة "عبد التواب يوسف"الأولي لبني سويف زيارة عادية، تمر دون أن يشعر بها أكبر عدد من شعب بني سويف،لذلك جاءتني فكرة كانت هي الأولي من نوعها بالمحافظة0

"مسابقة عبد التواب يوسف"

فكرت في عمل مسابقة بين طلبة المدارس الابتدائية والإعدادية تحت أسم مسابقة "عبد التواب يوسف"،وهي عبارة عن تلخيص أحد الكتب التي ألفها "عبد التواب يوسف"،وستكون هناك جوائز من المركز الأول حتى الخامس عشر0وبالفعل أرسلت المسابقة إلي جميع المدارس ابتدائي وإعدادي بالمحافظة وتم تحديد آخر ميعاد لتسليم الأعمال المشتركة إلي قصر ثقافة بني سويف0
قبل انتهاء مدة المسابقة،وصلت إلي قصر الثقافة مئات الأعمال من الطلبة،كل منهم أختار كتاب وقام بتلخيصه،وكلفني المسئولون في مديرية الثقافة بتولي عملية فرز هذه التلخيصات،لتحديد الأعمال الخمسة عشر الفائزة00أعتكفت في منزلي حوالي عشرة أيام غارقا في هذه الأعمال حتى إنتيهت من تحديد الأعمال الفائزة،لكني اخترت ثلاثين عملا،وهي أفضل ما وصلنا،وحملت هذه الأعمال الثلاثين،وذهبت بها إلي منزل "عبد التواب يوسف"بالقاهرة،أخبرته بموضوع المسابقة،وسلمته الأعمال التي اخترتها ،وطلبت منه أن يقوم بنفسه باختيار الخمسة عشر عملا الفائزة0
كانت سعادته لا توصف،وطلبت منه تحديد الموعد الذي يتم فيه تسليم الجوائز للفائزين،حيث يحضر هو لبني سويف ثم يقوم بتسليم الجوائز بنفسه في حفل كبير يليق بالمناسبة،بالفعل حدد الموعد، فتركت له الأعمال وعدت إلي بني سويف0
"مفاجأة حفل توزيع الجوائز"

في اتصال تليفوني طلبت منه معرفة أسماء الفائزين الخمسة عشر حتى نرسل لهم لحضور الحفل وتسلم جوائزهم،فإذا به يطلب مني أن أرسل للثلاثين مشترك كلهم،ولم أستطع أن أفهم لماذا يريد أن يحضر غير الفائزين،لكنني أرسلت لهم فعلا خطابات للحضور في اليوم المحدد لتوزيع الجوائز حضر الأستاذ"عبد التواب يوسف" إلي قصر الثقافة صباحا،وفي الميعاد تماما بدأ الأستاذ "عبد التواب" كلمته لتوزيع الجوائز في حفل كبير حضره عدد من المسئولين بالمحافظة وكل المدعوين بالإضافة إلي الطلبة الثلاثين وعائلاتهم0 وعندما أنتهي من قراءة أسماء الخمسة عشر طالبا،قال أن هؤلاء هم الفائزون بجوائز مدير الثقافة،لكن هناك أيضا خمس عشرة فائز آخر سيحصلون علي جوائزهم مني شخصيا00وفي الحال أخرج من جيبه مبلغا من المال،وطلب من مديرية الثقافة أن يرسل في شراء خمسة عشر جائزة أخري مشابهة تماما للجوائز الموجودة0وبعد دقائق كان يقوم بتوزيع ثلاثين جائزة علي ثلاثين فائز من الأطفال0
"زيارات متكررة وتكريم"

بعد هذه الزيارة الرائعة لبني سويف،أصبحت أحرص علي دعوة "عبد التواب يوسف"، لحضور أي احتفال أو ندوة تخص الثقافة في بني سويف،فكان يحضر الاحتفال الثقافي الذي كانت تقيمه مديرية الثقافة بمناسبة العيد القومي للمحافظة سنويا،وأشهر هذه الاحتفالات ذلك الذي حضره مع الدكتور"عبد القادر القط" والأستاذ الدكتور"أحمد عتمان"-ابن بني سويف أيضا- والأستاذ الناقد والروائي "عبدالله خيرت" وكان محافظ بني سويف وقتها هو اللواء "محمد حسين مدين"الذي حرص على استقبالهم في مكتبه لمدة ساعة قبل اللقاء0ثم حضر اللقاء الذي تم بقاعة المسرح بقصر الثقافة،وصعد بنفسه علي خشبة المسرح لتحيتهم وشكرهم بعد انتهاء اللقاء0وكان "عبد التواب يوسف"يومها حقا نجم اللقاء0
بعد ذلك جاء مؤتمر بني سويف الأدبي الأول،وكان "عبد التواب يوسف" أول المكرمين بهذا المؤتمر،وهو أيضا الذي ألقي كلمة المكرمين0وكان محافظ بني سويف وقتها هو المهندس "سعيد النجار"0
"طائر الحب"
عندما أصدرت الهيئة المصرية العامة للكتاب أول كتاب لي وهو مجموعة قصص بعنوان "طائر الحب"،فوجئت "بعبد التواب يوسف" يتصل بي من القاهرة مهنئا بصدور الكتاب0شكرته وأخبرته أنني في القريب العاجل سأكون عنده حاملا له نسخته التي تحمل إهداء مني إليه0فإذا به يجيبني قائلا:"يا صديقي أنا لم أستطع الانتظار وقمت بشراء الكتاب من هنا،ولتحضر لي أنت النسخة الهدية علي مهلك0وبعد أيام قلائل،وجدته يتصل بي مرة أخري،ويطلب مني أن أستمع إلي البرنامج الإذاعي الشهير "قرأت لك" الذى تقدمه الإذاعية الشهيرة"هالة الحديدي" من إذاعة البرنامج العام بالراديو00تتبعت البرنامج في موعده المحدد،وإذا بي أفاجأ بأن إحدى الحلقات مخصصة لكتاب "طائر الحب" وتقول المذيعة:"حلقة اليوم من قرأت لك تتناول كتاب طائر الحب،للأديب إسماعيل بكر،كتب هذه الحلقة الأستاذ عبد التواب يوسف"0
لم أكن لأصدق أذني لولا أن الجالسين معي يسمعون ما أسمع،وانطلقت المذيعة علي مدى عشرين دقيقة تقرأ أحلي ما سمعته من نقد وتحليل عن الكتاب سواء بالسلب أو الإيجاب ،فلقد كان "عبد التواب يوسف"منصفا وصادقا ومعلما0
"كان أبي معلما"
من بين الكتب التي كتبها "عبد التواب يوسف" للكبار كتاب أعتز به كثيرا وهو كتاب "كان أبي معلما"وذلك لسببين الأول هو موضوعه الرائع ثانيا لأنه يحمل إهداء لي بخط يده 0لذلك فإنني وجدت نفسي أقوم بتلخيص الكتاب تلخيصا وافيا غير مخل،وذلك حتى أستطيع أن أعود إليه وألم بموضوعه في أسرع وقت وعندما أريد0وفي زيارة الأستاذ "عبد التواب لبني سويف،دعوته لزيارة منزلي المتواضع،شرفني بقبول الدعوة،وبالطبع كانت جلستنا داخل حجرة مكتبي التي تعد تماما منعزلة عن شقتي ، والتي أقضي فيها كل وقتي تقريبا0وبعد كثير من الحديث الرائع معه-فهو بحق من أفضل المتحدثين الذين صادفتهم علي الإطلاق-أخبرته بموضوع التلخيص الذي كتبته للكتاب،فوجئت به يسعد جدا،ويطلب مني أن أقرأ عليه بعضا منه،وبالفعل قرأت له تلخيص فصلين أو ثلاثة، فكانت بحق سعادته غامرة وهنأني كثيرا علي هذا الجهد0
"مدرسة النيل الابتدائية"
في أحدي المفاجآت الجميلة التي يحملها لي دائما الأستاذ عبد التواب،كنت أجلس في منزلي،حيث دق جرس التليفون،وعندما تأكدت أن المكالمة من داخل المحافظة وليست من محافظة أخري ،ذهبت في تكاسل إلي التلفون ورفعت السماعة ،وفجأة أجد أذني تستقبل صوت "عبد التواب يوسف" الجميل،كيف هذا؟ !! "عبد التواب يوسف" في بني سويف دون أن أعرف أنا!! 00وعندما أحس بدهشتي سارع بتوضيح الأمر قائلا:"لا تندهش يا صديقي،نعم أنا هنا في بني سويف،لكن لا أحد يعلم بذلك،وأنت أول من يعرف الآن 0
قلت وأنا مازلت تحت تأثير المفاجأة:وأين أنت الآن؟
قال :"أنا هنا بفندق سميراميس0
بعد دقائق كنت أجلس معه بالفندق،حيث أخبرني أنه جاء خصيصا لزيارة أماكن ترتبط عنده بذكريات غالية،وكذلك بعض الأصدقاء القدامى،لذلك أراد أن تكون هذه الزيارة خاصة جدا،ولا يعلم بها سواي ومن يزورهم فقط،ورفض تماما أي اقتراح منى باستغلال هذه الزيارة في أي عمل عام0وطلب مني عدم أخبار أي شخص بوجوده بالفندق،حتى ينعم بليلة هادئة00وافقت بالطبع،وبعد سهرة جميلة بالفندق أصر هو علي تحمل كل تكلفتها ،ودعته علي أن نلتقي في السابعة من صباح الغد ، وعندما أبديت قلقي من موضوع السابعة صباحا هذا ،أبتسم قائلا أنه يستيقظ دائما من نومه الساعة الرابعة صباحا ، وبعد صلاة الفجر يبدأ في القراءة أو الكتابة 0 ثم قال إنه علي استعداد أن يبدأ جولته الصباحية بدوني،لكنني سلمت أمري لله ووافقت علي موعد السابعة صباحا هذا0في الموعد المحدد وصلت لأجده مرتديا كامل ملابسه ويجلس في مطعم الفندق يتناول طعام إفطاره0
انطلقنا سويا لزيارة أماكنه الخاصة التي كان أولها ميدان مولد النبي ،حيث انطلق يحكي لي عن ذكريات صباه في هذا الميدان،وعن مباريات كرة القدم التي كانوا يقيمونها وكان هو أحد فرسانها،فلقد كان لاعب كرة لا يشق له غبار0ثم فوجئت به يتوقف عن الحديث ويوجه لي سؤالا :"هل تعرف مدرسة النيل الابتدائية ؟"0
أجبته علي الفور :"طبعا أعرفها"00فأطلق سؤالا جديدا:"هل ما تزال موجودة في مكانها؟"0
أجبته :"نعم"0
فإذا به يقول:"إذن هيا نذهب إليها"0
في الطريق إلي المدرسة،وقبل أن أطلق أسئلتي قال :"لقد كنت طالبا في مدرسة النيل الإبتدائية في طفولتي،لذلك أحتفظ لها بذكريات عزيزة،وأتمني أن أراها مرة أخري "00قلت:"ما الذي يجعلك تظن أنها لم تعد موجودة بمكانها؟"00قال:"أنها كانت عبارة عن قصر لسكن أحد باشاوات العهد الماضي،فكنت أظن أنه تهدم أو شئ من هذا القبيل "00قلت له:"لا إنه مازال صامدا كما هو"0
وصلنا إلي المدرسة،علي بابها توقف، ولم يدخل إلا بعد أن ملأت عينيه نظرة فرح مشتاقة00دخلنا إلي مكتب مدير المدرسة،وكنت من الشخصيات المعروفة في هذه المدرسة،فهب المدير مرحبا بي،ولما عرفته علي الأستاذ "عبد التواب يوسف" ،فوجئ أولا ثم أبدي ترحيبا كبيرا مع فرحته بالزيارة،ولما عرف السبب الحقيقي للزيارة زادت فرحة المدير،وأخذ يقدمه لكل مدرس يدخل إلي مكتبه 00بعد أن قام المدير بواجب الضيافة،طلب الأستاذ "عبد التواب" أن يذهب لمشاهدة الفصل الذي كان يجلس به ،وذهبنا مع المدير وكوكبة من المدرسين،وكان يحفظ الطريق جيدا،وعلي باب الفصل وقف يشير إلي المقعد الذي كان يجلس فيه،ثم اندفع داخل الفصل الذي كان خاليا،وجلس في المقعد،ثم
أخرج من حقيبة صغيرة كان يحملها كاميرا وطلب مني أن ألتقط له صورة وهو في جلسته هذه،بالفعل التقطت ثلاث صور،ثم خرجنا من الفصل لنجد شبه مظاهرة من كل العاملين بالمدرسة ،فلقد انتشر خبر وجود "عبد التواب يوسف" في المدرسة،وظلت مظاهرة الحب هذه مصاحبة لنا حتى ودعتنا عند انصرافنا علي باب المدرسة0 وبالفعل لقد صدق توقع "عبد التواب يوسف"بالنسبة لمبني المدرسة ، حيث أنه الآن قد أصابه الهرم ،وتم إخلاء المدرسة منه ونقلها إلي مكان آخر ،وأصبح الآن مبني مدرسة النيل الابتدائية مجرد مخزن ضمن مخازن وزارة التربية والتعليم في بني سويف 0هذه مقتطفات شديدة الإيجاز من علاقة طويلة متينة مستمرة مع ابن قرية شنرا ،مركز الفشن ،ابن بلدي الكاتب العالمي،والصديق العزيز الأستاذ"عبد التواب يوسف" ،أطال الله في عمره ،ومتعه بكامل الصحة والإبداع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق