الأربعاء، 2 يونيو 2010

قصة قصيرة"


" قرابة درجة أولى"

بقلم / إسماعيل بكر

أحب النوم العميق00 أفرح عندما أذهب إلى فراشى ، فكثيرا ما أراها خلاله 00منذ رحلت عن عالمى الخارجى الظاهر ، أصبحت تعيش فى عالمى الداخلى غير المرئى 0 كانت وسيلتى الوحيدة لرؤيتها هى النوم ، لكن مضت فترة طويلة لم أرها فيها ، اشتد شوقى لها 00 نمت هذه المرة تصحبنى فرحتى المعتادة 0

أمامى ميدان كبير مكتظ بالناس 00لاأعرف سر هذا الزحام 00اقتربت 00اندسست فيه 00فجاة وعلى مسافة غير بعيدة عنى برز لعينى من قلب الزحام ذلك الوجه الحبيب 0 احتوته نظراتى بلهفة 00جميل هو كما عهدته ، بل أصبح أكثر جمالاً، صار فاتناً، نظراته تتركز نحوى 00 استولى علىّ فرح طاغ 00 بكل قوتى بدأت أشق طريقى فى الزحام إليه 0كلما جاهدت متقدما اتسعت المسافة بيننا صرخت مناديا: أمى 0

فردت ذراعيها نحوى لكن طوفان الزحام ظل يبعدها عنى 00 فزعت ، صرخت من جديد :

ــ أمى 00لماذا تبعدين عنى ؟

ردت بصوتها الجميل :

ــ أبدا لم أبعد عنك 0

ــ منذ وقت طويل لم أراك 0

ــ لايهم فأنا أقيم دائما بداخلك 0

ــ وأين تذهبين الآن ؟

ــ إلى حيث إقامتى عندك 0

ارتفعت يدها ملوحة لى ، وقبل أن تغيب عنى ارتفع صوتى قائلا:

ــ لقد ازددت جمالايا أمى 0

اختفت فى أحد المنعطفات ، لكن ابتسامتها الحانية ظلت أمامى لاتغيب 0

نهضت 00خرجت إلى الشارع 00النشوة تلف كيانى 00ليست لى وجهة معينة 00بعد فترة لاأعرف طولها وجدتنى أمام منزل العائلة 0توقفت 00 مرت سنوات عمرى الأولى فى مخيلتى كلمح البصر 00 صورة أبى تبرز أمامى 0إنه مازال يقبع فى نفس حجرته 0رغم تقدمه فى السن فإنه مازال يمارس دكتاتوريته القديمة 00 زمن طويل مضى منذ آخر مرة تحدثت معه ، لاأرتاح كثيرا فى حضرته 0

هممت بمتابعة السير 0 فاجأتنى فكرة 0 لماذا لاأصعد وأروى له حلمى الجميل ، لأرى ثأثيره على ملامح وجهه القاسية ؟

طرقت الباب ، فتحته زوجته وهللت لمقدمى 0 أخبرتنى أنه مستيقظ بحجرته 00 دخلت متوجسا 0فى الوسط توقفت غاضبا 0كانت الحجرة خاوية 0

صحت أنادى زوجته ، أقبلت مسرعة ، بادرتها بحدة : ــ أتسخرين منى؟

باتت على ملامحها الحيرة وعدم الفهم 0ردت :

ــ ماذا تعنى ؟

ــ أين أبى ؟

زادت حيرتها وهى تقول

ــ أبوك أمامك 0

ــ ليس أمامى سوى الفراش خاويا 0

ــ سلامة الشوف يابنى ، أبوك أمامك على السرير 0

ــ هل تظنيننى مجنونا؟ أنا لاأرى أحدا0

تحولت بوجهها عنى ، نظرت إلى الفراش وقالت:

ــ كلمه ياأبو عبده ، يمكن لما يسمعك يصدق إنك موجود 0

بعد برهة صمت قالت لى :

ــ ها 0سمعته وصدقت إنه موجود ؟

صرخت عاليا:

ــ أنا لاأسمع أحدا ولا أرى أحدا 0

اندفعت خارجا من الحجرة ومازالت صرخاتى تتردد لتملأ المنزل 0

فى أعقابى كانت تلاحقنى كلمات زوجة أبى الحزينة :

ــ ماذا جرى ، إنه لايرى أباه ولايسمعه 0 لاحول ولاقوة إلا بالله !!





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق